Bidayah Al-hikmah (arabic-english) [the Elements of Islamic Metaphysics]{edited}

مقدمة

في تعريف هذا الفن وموضوعه وغايته --------------------------------

الحمد لله ، وله الثناء بحقيقته ، والصلاة والسلام على رسوله محمد خير خليقته وآله الطاهرين من أهل بيته وعترته .

الحكمة الإلهية علم يبحث فيه عن أحوال الموجود بما هو موجود ، وموضوعها – الذي يبحث فيه عن أعراضه الذاتية – هو الموجود بما هو موجود ، وغايتها معرفة الموجودات على وجه كلي وتمييزها مما ليس بموجود حقيقي توضيح ذلك : أن الانسان يجد من نفسه أن لنفسه حقيقة وواقعية ، وأن هناك حقيقة وواقعية وراء نفسه ، وأن له أن يصيبها ، فلا يطلب شيئا من الأشياء ولا يقصده إلا من جهة أنه هو ذلك الشئ في الواقع ، ولا يهرب من شئ ولا يندفع عنه إلا لكونه هو ذلك الشئ في الحقيقة ، فالطفل الذي يطلب الضرع – مثلا – إنما يطلب ما هو بحسب الواقع لبن ، لا ما هو بحسب التوهم والحسبان كذلك ، والإنسان الذي يهرب من سبع ، إنما يهرب مما هو بحسب الحقيقة سبع ، لا بحسب التوهم والخرافة ، لكنه ربما أخطأ في نظره ، فرأى ما ليس بحق حقا واقعا في الخارج ، كالبخت والغول ، أو اعتقد ما هو حق واقع في الخارج باطلا خرافيا ، كالنفس المجردة والعقل المجرد ، فمست الحاجة بادئ بدء إلى معرفة أحوال الموجود بما هو موجود ، الخاصة به ، ليميز بها ما هو موجود في الواقع مما ليس كذلك ، والعلم الباحث عنها هو الحكمة الإلهية

. فالحكمة الإلهية هي العلم الباحث عن أحوال الموجود بما هو موجود ، ويسمى أيضا : ” الفلسفة الأولى ” ، و ” العلم الأعلى ” وموضوعه : ” الموجود بما هو موجود ” وغايته : ” تمييز الموجودات الحقيقية من غيرها ، ومعرفة العلل العالية للوجود – وبالأخص العلة الأولى التي إليها تنتهي سلسلة الموجودات ، وأسمائها الحسنى ، وصفاتها العليا ، وهو الله عز اسمه – ” .